الثلاثاء، 28 أبريل 2020

قصةحيرة في أودية الوله!!كغيث يجوب البراري بعد انقطاع، فيحيي الورد من بين الأكام وينتثر العطر رذاذ السواقي يفرح المهج بعد انتعاش، كذلك كان طيفه يباغتها بين الرقاد والإيقاظ لا يسلو منها، ولا تقوى على دفعه لا بسلطة العقل والحذر من تقلبات الأنفس والأزمان ولا بالغرق في لجة الهذيان وسلطة الخيال والقلب المتيم، ما تراها تفعل وهذا الغازي الذي جاءها بجيش الياسمين وفيالق الورد يحتل منها الشغاف والكيان، كيف تصده وما خبرت من قبل هذا الإحتلال.نزاري الكلام سحر القوافي عنده عزف ناي وكمان يستلبها من صلابة الواقع حافية يحملها على أجنحة الغمام إلى سماء مخملية يعدها فيها بعرش كعرش بلقيس أعمدته القلب والوجدان، يهديها الصولجان في صلجته ويلبسها راكعا حذاء من ذهب وصولجة يتلو صك البيعة لها والطاعة، تهيم مع طيفه في خيالها ترقص حينا على أطراف النجوم وتغوص في بحار الحب كحورية مزينة باللؤلؤ والمرجان، وتركع حينا في محرابه عاشقة درويشية.يشق محرابها سوط برق يجلد خيالها ويقذف بها نحو صلابة الارض حافية ينتفض فيها الإدراك انتفاضة طير مسته العصا على غرة ياتيها صوت الجدة ممتطيا صهوة الأثير:- رويدك بنيتي أمسكي لجام الوله فما كل حديث من حلاوته عسل فكم من سم فيه تخفى، وما كل من وعد وفى، ولا كل من غاب أفا، وإن من حسن الكلام ما أقبر ولا أحيا.اسمعي من عجوز عركتها الحياة والزمان أوهن منها العظم وابلى، قيل وما كل قول هرطقة ولا هو نثر ثرثرة .. كم من ذئب تخفى تحت رداء الحسن والتقوى، وما من فطيمة استهوتها مناجاة المياس للبدر فانطلقت إليه تعدو إلا مزقتها مخالب القهر وضاعت في وديان الوحشة وما رحمتها الغابة ولا رأفت.سكت صوت الجدة هنيهة ثم عاد يحدثها بعد تنهيدة:- قد قيل أنه في الزمن الغابر بين النسيان والتذكر أن **راع من فرط الوجد في كل يوم يذبح لمعشوقته قربانا حتى استنفذ ما عنده فما ظفر بها ولا خبى في الأحشاء لهيبها، هام مكبا على وجهه في البراري حتى أتى يوما الى مذبحها بيده شاة ينحرها فجاءته المعشوقة على أسد مجنح مطرزة الثياب جمالها يبرق كالذهب وقالت تحدثه:- ويحك من اين لك بالرخيلة وقد صرت والعدم سواء؟!قال والذلة تخنق نبرته والمسكنة تختمه:- بقيت ابتغي بالقربان رضاك حتى عدمت مالي وهنائي، فسرقت شاة القوم وجئتك بها لعلك ترضين وإن شئت ملكتك أمري أبد الدهر.اشاحت عنه المعشوقة باستعلاء وحدثته بازدراء:- ما حاجتي بك معدما، إذهب من ساحتي إنك مطرودا ممسوخا ذئبا منبوذا، تسطو على متاع قوم فتتبعك الكلاب نهشا.اغتاظ العاشق منها وولى عنها مدحورا وقد لمعت عيناه شررا وقال متوعدا:- مسختني ذئبا بعد الذي كان وألبت علي الرعيان، إني أعدك وعدا لا أخلفه أن أترصد للجميلات كلما بزغ القمر مكتملا، أغويهن بعذب القصائد قرابينا على مذبح الإنتقام أرديهن، بعد أن تمثلت لهن بشرا.**** قصة عشتار والراعي**بقلم سميرة منصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق