الجمعة، 22 مايو 2020

الطفل... لتغدو بطلة مرموقة

ونحن نلم أغراضنا، هربا من حر الصيف، إلى شاطيء البحر. تصادف تواجد أخت البنات، فدوى ذي الخامسة عشر سنة والمقيمة في الديار الاسبانية.
وفي غفلة من الجميع، اختلت فدوى، أو كما اصطلح على تسميتها، واسطة العقد بأخواتها، وأصبغت عليهن من المساحيق، مما جعلهن كالعرائس في ليلة زفاف، لم نعهدهن فيهن من قبل، مما تسبب لنا الكثير من الإحراج، ونحن في طريقنا، أمام النظرات اللاذعة والمشبوهة لشبيبة الحي.
وبالكاد، وطأت أقدامنا رمال البحر، حتى هب الجميع صوب البحر، ﻻنلوي علئ شيء، اللهم معانقة الموج، والتملي بنشوة السباحة.
حاولنا جاهدين، الدفع بفدوى الئ الأمام ، إلا أنها استصعت علينا، حيت كانت تلزم آخر الموج، وكلها حذر وتردد، بين إقدام وإحجام.
ومحاولة منا، عاودنا الكرة مرارا وتكرار، إلا أن حاجز الخوف كان يحول، بينها وبين ركوب الموج.
وهنا، لم يجد الوالد، بدا من استدراجها إلى حفرة، يصعب كشف غورها، ليوهمها أن شقها على الأقدام، أمر هين وفي منتهى الأمن والأمان.
وبثقة عمياء، بلعت الطعم فاندفعت إليها، وماكادت ترمي بأول رجل، حتى وقعت في المحظور.
مدت يديها، تستنجد الخلاص: أبي، أبي... 
والماء يكاد يبتلعها عن آخرها، بين صعود ونزول، تتخبط يمنة ويسرة، وكأنها في جنح ظﻻم دامس، لعل قدميها تجد موطأ لها أو مخرجا، من خﻻله تتنفس الصعداء، لكن هيهات ثم هيهات.
فلا أبوها هب لنجدتها، وﻻأخواتها في حضرته، تجرؤوا فأعانوها. الكل احتشد في صمت يترقب، والعيون ترمقها بحذر، ولا من يبدي حراكا.
وبعد جهد جهيد، من خﻻله عانت المسكينة الأمرين، استطاعت أن تأخذ ذلك النفس العميق، وكأنها فطنت اللعبة لتجد لنفسها مخرجا، فاستوت على الماء وأدركت بر الأمان.
وهنا خرج الجميع عن صمته : مبروك، مبروك...
وأقبلوا عليها، والإبتسامة تعلو محياهم، مهنئين إياها، ومستبشرين بها خيرا، فقد اجتازت الإختبار وبنجاح.
وكانت هذه بدايتها، سرعان ماتلتها تحديات، تحسب لأبيها في عالم السباحة، انعكس بالإيجاب على مسارها.
لتغدو بطلة مرموقة...
                                     تأليف: ذ. ماهل عبدالاله
                                                    من المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة الحب.. .................. مدينة محاطة بسياج  من وردات الياسمين رائحة ذكية تنشر شذاها  بعبق الرياحين  وجوه مبتسمة ليست بعابسة  وأيادي ت...