الأربعاء، 5 أغسطس 2020

مقاس الحزن كبير علينا هاته المرة يابيروت
وحجم الدموع لن نستوعبه لأن شبر الصبر الأخير تقاسمه الموتى بعد ضرب القداح
شجرة الأرز يا بيروت تلتحف رمادها كي تلون فسيفساء الخراب وتعجل بإعدام القمر
وتعاود حضن الذين أحترقوا كي يتكثفوا من جديد
ويشيدوا قلاع موتهم المحشوة بالسحاب
يا بيروت لم أجد جنس الكلمات التي تطيق إنتشال أصحاب الأخدود من قواميس الثقلين
لم أجد إكليل الزهور الذي يصنع عطره دون ربيع وورود
لم أجدني ولم أجدك ولم نجد بعضنا اللذان تاها في الضباب
مقاس الحزن أوقف الأرض ليقفز إلى المريخ
ليأكل بعضه وبعضنا قبل البيضة والتفريخ
ويضطهد جميع الأوراق التي تفرق حبرها المقدس في الكتاب
لبنان ماذا يجري 
نحن نجري والدماء تجري والوقت يجري
والجري واقف فوق سخرية القدر
ينتظر إشارة الإنطلاق كي يسترق ما تبقى من قبس عربي
ويذبحه ليلة عرس الحمامة والغراب
الليلة العربية خامرت عظامنا
الليلة العربية الشمطاء لا تريد وصول الصباح
تتيمم رغم الماء
وتصلي نحو اليسار في ركعة جهرت بطلاسمها
كي تحضر شياطين الأرض والكلاب
قنبلة هنا وقنبلة هناك والحصيلة قنابل
ويل لعرب من شر إقترب بنكهة دخان ومزابل
بنينا بأشلائنا برجا عانق الشمس ظهرا
وولد بنينا وحفدة عصرا
والدمية المسكينة تذرف مع لجان التحقيق دمعا هتونا
وتعربد ليلتها مع فتنة القانون وهمز النواب
لبنان إنا لله وإنا إليه راجعون
والذين ليسوا لله ولا له يرجعون
سنحاول أن نكتشف سر الخلود في جيناتهم
سنحاول أن نكشف سر الشر في أعماقهم
ونترك عقيدتنا ترتاح قليلا 
من الدسائس التي أزهرت في ربيع الإنقلاب
مقاس الحزن يا بيروت تعدى زمكانه إلى اللاوقت واللاوطن
لم تعد الحباحب قادرة على هظم المشاهد المتورمة من كتاب البؤساء
ضاعت حقيبتي تحت إيقاع البنادق وكلاب الصيد
ولم يعد الحبر يعني للقلم ذاك المساء المتضخم الصدى
كل البراهين إستلقت على سكة القطار تنتظر غطس العجلات 
عشية الهروب الأخير للعرب من وعيهم الفاقد للوعي
عشية الهبوط الإظطراري في تخوم الخيبة والإكتئاب
سامحينا بيروت على سهام الصمت
فقد طال الفاصل الإشهاري حين لبث الف سنة وما زحزح عن القيامة والعذاب
سامحينا يا بيروت فلم نعد نقوى على تردد الجمال العالي
بعدما سال لعاب النصل الهمجي
سامحينا فنحن مجرد أحياء لم يقتلو بعد معنى التقليد لحياة الحياة الحمقاء
نحن الذين لم نحب يوما بالونات الهواء الحمراء والحلوى
لم ترق لنا صغار القطط وحكاية سندريلا 
وهدوء سنان في الغابة الخضراء
فجئنا بلفيف من الحمقى إليك يجرون سكة المحراث والدواب
كنا نغار منك يا بيروت وأنت ست الدنيا
كنا ننتظر أقحوانك بفارغ الصبر في فوهات التلال
نتسلق السحاب حتى نرى بيروتنا
ونرى حسن الملائكة في خدود وصيفات النجوم
نجوع ونعرى في يوميات أوطاننا
ونحلم في بيروت بعروس وصبي وبعض طعام وشراب
سامحينا بيروت إن إحترقت اليوم بين حروف الويل
أو حولوك إلى منفى الكلمات خارج إقليم النحو والإعراب

خالد فريطاس الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة الحب.. .................. مدينة محاطة بسياج  من وردات الياسمين رائحة ذكية تنشر شذاها  بعبق الرياحين  وجوه مبتسمة ليست بعابسة  وأيادي ت...