الخميس، 25 مارس 2021

إجازة ‏عارضة ‏ ‏// ‏ ‏بقلم ‏الأديب ‏عبده ‏داود

إجازة عارضة
25.3.2021  
اعتذرت جليسة الأطفال عن الحضور لتجالس الطفلة مارينا  ذات الخمس سنوات، لأن أهلها فاتهم  أن يخبروها قبل وقت بان الروضة ستعطل بذلك اليوم. 
اعتذرت  المرأة من أهل مارينا وقالت: أنا جداً آسفة لأنني التزمت مع عائلة  أخرى لأجلس عند أطفالهم، وهم  ذهبوا في رحلة إلى شمال روما ليشاركوا في عيد القديسة ريتا شفيعة الأمور المستحيلة...
 أرتبك أهل مارينا، كيف سيتدبران امر ابنتهما، الأب موظف أمين صندوق في أحد المصارف، لا يستطيع أن يغيب بدون إذن مسبق... الأم أيضاً موظفة في احدى الشركات وقد استنفذت عطلها السنوية من أجل العناية بابنتها، بسبب مرض عارض أو ما شابه.  
قررت الأم الغياب عن عملها وقررت أن تتحمل النتائج مهما كانت صعبة...
كان النهار دافئ، والشمس توحي بنهار جميل، وأريج الورود تبهج النفس، لذلك قررت الأم أخذ ابنتها إلى الحديقة العامة حيث توجد العاب كثيرة للأطفال...
 مارينا كانت سعيدة تلعب مع أولاد بمثل عمرها، فجأة هبت نسمات ريح باردة، واكفهرت السماء بوصول غيوم كئيبة، وأحست الأم بان السماء ستمطر.
فكرت بالعودة للمنزل، لكنها تذكرت بانها بحاجة إلى ثوب جديد من أجل مناسبة قادمة. 
 أخذت ابنتها إلى متجر البسة كبير في قلب المدينة. 
وهي تمسك بيد ابنتها جيداً، كانت تدور في متجر الألبسة، تستعرض الألبسة المعروضة، وأخيراً أعجبها ثوب، وأرادت أن تعاين شكله، دخلت الغرف المخصصة للقياس، ودخلت معها ابنتها... خلعت  الأم ثوبها الذي ترتديه، وارتدت الثوب الجديد وأخذت تتأمله في المرآة...لكنها فوجئت بأن باب الغرفة مفتوحاُ، ومارينا ليست بالغرفة معها...  دارت في انحاء المتجر الكبير، تسأل الناس في جميع الأقسام عن طفلة في الخامسة ترتدي ثوباً أحمر...
أخذ الجميع  يبحثون معها، لكن دون جدوى، قال أحدهم:  أنا شاهدت فتاة صغيرة ترتدي ثوباً أحمر تركض وراء قطة...
خرجت الأم ملهوفة خائفة مرعوبة  تركض تبحث عن ابنتها...
كانت  الأم  تركض في الشوارع، وتنظر في كل الاتجاهات وهي تصرخ مارينا، مارينا... 
كان وضع  المرأة بحالة مزرية كما لو إنها لم تعرف الهندام  يوماً...لباسها في حالة غريبة. مفتوح على صدرها، وبطاقة مواصفات الثوب لا تزال متدلية على ظهرها. وصلت عند مفترق طرق. كان هناك شرطياً واقفاً يعمل على تنظيم السير. اسرعت اليه تستنجد به وكأنها تبحث عن قشة تنجيها من الغرق، كانت تتمسك بأي بصيص أمل مهما كان بصيصه ضعيفاً باهتاً... 
سألت، هل رأيت ابنتي مارينا؟ طفلة عمرها خمس سنوات ترتدي ثوباً احمر. 
 سألها الشرطي: أين ومتى فقدتيها يا سيدتي؟ 
كانت تجهش باكية قالت: منذ ساعتين تقريبا، كانت معي في ذاك المحل الكبير لبيع الملابس، دخلت معي إلى غرفة قياس الملابس.  وبدون أن اشعر هي فتحت الباب وخرجت، ولم نجدها رغم بأن الجميع اهتموا بالأمر وبحثوا معي، في كل زاوية، لكن دون جدوى. 
أخبر الشرطي ادارة الشرطة المعنية بهذا الأمر ...
قال الشرطي الصبر يا سيدتي، كثيرا ما تحدث في المدن قصصا مشابهة، وغالبا ما يجدون الأطفال ويعيدونهم إلى اهاليهم... الآن أنصحك بأن تذهبي إلى أي دار عبادة وتطلبين من العذراء مريم أن تساعدك.  دخلت أم مارينا إلى كنيسة صادفتها في الشارع، ركعت أمام تمثال العذراء واجهشت بالبكاء، في الحقيقة هي لم تطلب من العذراء شيئاً. لأنها تعرف كم عانت العذراء من الآلام لعذاب ابنها الحبيب يسوع. وقالت لتكن آلامي لمجد الله... والواقع الأم تؤمن بان أهل السماء يعرفون ما نريده منهم، حتى بصمتنا دون أن نسألهم. وكانت تطلب بصلاة الروح من القديسة ريتا شفيعة الأمور المستحيلة أن تساعدها. 
 الأم كانت مرتعبة،  ومحتارة، كيف ستخبر زوجها وماذا تقول له، وهو مريض قلب، لكنها لاذت بالصمت، وأجهشت بالبكاء...وخرجت من الكنيسة واخذت تسير بالشوارع علها تصادف ابنتها في مكان ما...
كانت تحاكي ذاتها، وتصرخ يا مارينا، وعيناها غارقتان بالدموع وهي تتأمل الأطفال المارين بالشارع أو الذين يلعبون بالحارات...
كانت تجهش بالبكاء، وتتلو الصلاة والرجاء بصمت، تحادث العذراء مريم، وانبياء السماء، وكل سكان الملكوت، أن يساعدوها ويرشدوها لتجد مارينا...
فجأة، رن موبايلها...كانت الشرطة، قالوا تعالي سيدتي استلمي  ابنتك وجدناها تبكي في الشارع...
وصل  الزوج إلى البيت ولم يجد احداً استغرب، غياب زوجته وابنته، اتصل عبر الموبايل.
قالت الزوجة: مارينا  تلعب مع الأطفال، وهي مسرورة جداً، لا تريد العودة للمنزل، دقائق وسنعود
كتبها: عبده داود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة الحب.. .................. مدينة محاطة بسياج  من وردات الياسمين رائحة ذكية تنشر شذاها  بعبق الرياحين  وجوه مبتسمة ليست بعابسة  وأيادي ت...