الجــــــــــــــــــــــــــــــــراد
--------------------------------
أصاب قريتنا قحط و قراً أخر، زحف إلينا ،يلعق ما يلاقيه الكلاب الجائعة ،تهدم قلبي واحترق ألماً ،مثل جدران الاكواخ والقرى المهجورة ،لم يبقَ أحد في قريتي ،الجند غادروها بأعلامهم الممزقة الشاحبة المكسورة ،بقيت وحيداً صامتاً ،مثل (الفزاعة) في حقل القمح الذاو ،أتجول شاهداً على القرية المهجورة ،كشواهد مقبرة الجند الغرباء
ظللت أدور كالعصفور عند المساء ،هطل مطر الشتاء كالبسمة فوق الجذوع والقلوب اليابسة الجرداء ،نتحدث ونعلِكُ الأسرار ،السياسات الكاذبة الحمقاء ،رسمنا كتبنا قلنا كل شيء ،قرانا الصامتة الخرساء أسفارها عبر الأزمان ،شوقنا وحبنا للسباحة في الأنهار ،همسنا أطرقنا الرؤوس ،تحدثت جوارحنا ،الصمت القادم القاتل لكل الأحزان ،وقفنا بهمة عالية وقوف الرجال ،قلنا وداعاً عذابات الفقراء ، قريتي تطفو على الثروات تغدق على الغرباء ،هبوا ريحاً ترابية صفراء ،جراد أصفر دخل كل الشوارع كل القلوب ،إعصار يمتص النسغ الصاعد ،يسرق بخفية من تراب الأرض فرحها المخزون ،أي جرح مقتول ممزق الأشلاء على ناحية الشوارع والدروب ، أي عرس يفرِّخ فيـه الغراب ،الوطواط متدلياً بسياج القلب ،أن يعود الظلام يعود الليل يعود القحط ،قرية (التعاسة والألم) لِمَ يشدني الحنين إليك ،حنينك يؤلمني يؤرِّقني ، أحمق غبي أركض عبر جموع الظلام ،أصافح الكذب الملطخ بالأوحال ،حالماً طائشاً في محطات الأوجاع ،مثل بحار خرف قد أنهكه الترحال في مساحات البحار ،جاع من الألم ضاع في موانئ الدنيا ،ما أنا إلا هوة عميقة من التعاسة الأحلام الكاذبة ،طعنني في عمري تظن أن في العمر ما يسمح بالمزيد تحطم فؤادي في التخوم ،وذرَّته الرياح راحت تدوسه أحذية المتسللين ،ليلتي الأخيرة من سجني المؤبد أكتب عن الأرض العاقرة أنتحب أسلب الدمع الغزير من الآهات ،ألعن كل وجه عاثرٍ الآمـال البليدة
الليلـة يا بلد الألم جفت فيه الآمال النامية يموت العشب تذوي كل الأغصان الخضراء ،تنوح تذرف الدمع كل الزنابق السوداء ،الجاثمة على المزابل والأشلاء لم يعد قلبي عقلي الموبوء تعاسة ربيع وخريف وشتاء...
***********
المفرجي الحسيني
الجراد
العراق/بغداد
27/5/2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق