الاثنين، 6 ديسمبر 2021

الشعرُ  ووَحْــيُه
=============-------- الشاعر حسن منصور
*************
تـوَلّى الــوَحيُ وَالإلْـهــامُ غــابـا ||  وَنـادَيْــتُ القَـريضَ فَــما أَجــابـا
وكـانَ إذا تَـوارى عـنْ سَــمـائي || غَـدا كَالشمسِ إِنْ وَجـدَتْ حِـجـابا  
تُغـادِرُنا وَيــبْـقى الـنّورُ مِـنهـــا  || وَإِنْ كـانَ الشّــعــاعُ خَــبا وَغــابـا
وَكانَ هُـوَ الـذي يَسْـعى يُـنـادي  || وَيوقِـفُـني لِـكَيْ يُـمْــلي الـخِــطــابا
وكُـنْـتُ أُدَوّنُ الـمَسْـمـوعَ مــنْهُ  || كَـتِـلــمــــيـذٍ إذا أُمِــرَ اسْـــتَـجــابـا
وَأُنْـشِـدُ خَـلـفَهُ أحْـلى القَــوافـي || سَـمَـتْ مَـــعْــنـىً وَأنْـغـامـاً عِــذابـا
كَـأنَّ الـنّــورَ مـوسيقى وَشِعْــرٌ || مِــنَ الآفــاقِ يَـنْسَــكِـــبُ انْــسِـكابـا           
وَهَـلْ أحْـلى مِنَ الألْحانِ تَـتْرى  || عَـلى سَمْــعـي وَتَحْـتَـلِـبُ السَّـحـابا
وَتُـرْسِـلُ مـاءَهُ عَــذْبـاً نَـمـيـراً  || عَـلـى صَحــراءِ قـلــبي مُسْـتَـطــابـا
فَـيَــجْـعَـلُهــا رِيـاضـاً يانِـعــاتٍ || وَقَــدْ طــابَـتْ جَـنىً وَزَكَــتْ شَـرابـا
وَتَأْتـيـهـا عَــصـافـــيـرٌ تُـغَــنّي || وَيَـمْـــلأُ لَـحْـــنُـهـا تـلـكَ الــرِّحـــابـا
فَـأَحْـــيا في نَـواحــيـهـا سَعـيداً || وَلا أخْـشى مِــنَ الـدُّنْـيــا انْـقِـــلابــا 
                            ********
كـَذا كانَتْ صَديقــتِيَ القَــوافـي || تُـرافِـقُـــني وَنَـقْــتَـحِـــمُ الصِّـعـــابـا
وكانَ الــوَحْـيُ يُرْسِـلُـها تِبـاعـاً || فَـأحْــفَــظُـــهـا وَأُلْـقــيـهــا صَــوابـا 
 مَــعـاً كُـنّا نُغَــنّي في ابْـتِـهــاجٍ || مَـعـاً نَـبْــكي إذا مــا الـحُــزْنُ نــابـا
نَسيرُ مَــعـاً عَـلى حُــلْــوٍ وَمُــرٍّ || وَلَسْـنا نَـشْـتَـكـي شَــهْــداً وَصـــابـا 
ولـكـنْ في زَمـانِ القَـحْــطِ هـذا || تَوارى الــوَحْـيُ وَاعْـتَـكَـفَ اكْـتِـئابا 
لِأنَّ لـهُ شُـعـــوراً فَـهْــوَ وَحْـيٌ || وَمــا صـاحَــبْـتُ شَــيْـطــانــاً أَرابـا 
وَلا اسْتَحْضَرْتُ (عَبْقَرَ) في خَيالي|| وَلا جِــنّاً حَــكى العَـجَـبَ العُجـابا
ولـكـنّي يُـنـاجـي الوَحْيَ قـلـبي || فَــلا أصْــداءَ أسْـــمَــعُ أو جَــــوابـا
ولـم يُـرْسِـلْ قَـوافِـيَـهُ لِـتَجْـري || عَـلـى شَــفَـتي مُـجَـلْـجِـــلَــةً عِــرابا
فـقـدْ لَجَـمَـتْـهْ أحْــداثٌ جِــسامٌ || هُـمــومٌ مـا اسْـتَطــاعَ لهـا اجْـتـِنــابا
                          ********
فَـقُـمْـتُ مُـبــادِراً أسْـعـى إلـيْـهِ || وَكـانَ يَـزيــدُ بُـعْـــداً وَاحْــتِــجــابـا
ولـوْ لـمْ أسْـعَ في جُـهـدٍ جَهـيـدٍ || لَــعَـــزَّ لِــقــــــاؤُهُ وَأبــى الإِيــــابـا
ولـكـنّي أُحَــلّـــقُ فـي سَــمـــاهُ || وَلا أخْـشـى غُــــيـوماً أوْ ضَــبــابـا                 
تُـتَـرْجِمُ أَحْـرُفــي وَحْـياً رَشيداً || بِحِـــبْـرٍ  فــيـه نِـسْـغُ الـقــلــبِ ذابا
وإنّي إنْ تَـعِـــبْـتُ فَــلـنْ أُبـالي || وَروحــي دائِـمــاً تَـبْــقــى شَـــبـابـا    
فَـكمْ نَحَتتْ يَدايَ صُخورَ دربي || وَمــا كَــلّـتْ وَلا اشْـتَـكَـتِ العَــذابـا
سَـأبْقـى حامِلاً قَـلـمـي كَـسَيْفٍ || قــوِيٍّ يَـنْــصُـرُ الـحَــــقَّ الـلُّــــبـابـا           
وَبابُ الـعِـلـمِ مَـفـتـوحٌ فَـأنْـعِــمْ || بِسَــيْـفِ الـعِـــلـمِ مِـنْـهــاجــاً وَبــابـا
وَأدْعــو كُلَّ قَـوْمـي أنْ يَهُـبّـوا || وَيَـتَّـخِــذوا الـعُــلـــومَ لـهُـــمْ رِكـابــا
ولـيْسَ بِـنـافِــعٍ مَــجْــدٌ قَـــديـمٌ || تَـلألأَ حِـــقْـــبَـةً  وَغَـــــدا سَـــــرابـا 
وَبَعْــضُ المَـجْدِ مَوْروثٌ وَلكنْ || نَـفـيـسُ المَــجْـدِ يُـكـتـسَبُ اكْــتِسـابـا
يَفـوزُ بهِ الفَـتى إِنْ كانَ شَهْــماً || هُـمــامـاً عـاشَ يقـتَــحِـمُ الصِّـعـــابـا
****************************************************************    
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الثالثة عشرة، ديوان (قناديل على الطريق)ـ ص 78

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق