الغبارُ رابعا
زَحفُهُ كانََ في أولِّ الأمرِ هينٌ
خفيفٌ ويعقبُهُ عادةً
وابلٌ يستعيدُ الصفاءَ
وينعِشُ ما دبَّ فوقَ الثرى
وما كانَ ينشبُ
فوقَ الفضاءِ السياسيِّ
سرعانَ ما يتصدّى
لهُ العقلاءُ
فيرجعُ يسحبُ أذيالَ خيبتِِهِ
يتضاءلُ
دونَ مقاومةٍ أو لَغَطْ
زحفُهُ الآنَ داجٍ بوضحِ النهار ِ
يُغطّي المصائبَ
خلفَ الثيابِ
وقد طلبتْهُ لنا سرفاتٌ
يُحرِّكُها ساسةٌ حاقدون
همْ دعاةُ المحنْ
وَمنْ شرَّعوا القتلَ يطغي بكلِّ وطنْ
زحفُهُ كانَ يحدِثُ
بينَ فلاسفةِ العصرِ تزحفُ
زوبعةٌ من غبارٍ يثيرُ الصراعَ
يحَفِّزُ للبحثِ عن سبلٍ
ترتقي بالحياةِ وينزاحُ عنها
كما يفعلُ الآنَ دكتورُ ناجي
زحفُهُ سدفٌ عَشْعَشَتْ
في النفوسِ
كداءٍ تفاقمَ واجتثَّ ما كانَ من قِيمٍ
منذُ سَبعةِ آلافِ عام
يا لهذا الغبار غزى
في حمانا الضمائرَ
ودارتْ على المعدمينَ الدوائر
لم يكن شجرٌ يتسوَّرُ قيعانَنا
عائقاً زحفَهُ
الغبارُ يثارُ بأروقةٍ
في قلوبِ العواصمِ
ينشرُ أتربةً في العيون
لئلا ترى ما الذي يصنعون
د. محفوظ فرج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق