الأحد، 12 نوفمبر 2023

السارقة ‏الحسناء / ‏قصة ‏قصيرة ‏كتبها ‏عبده ‏داود

السارقة الحسناء
قصة قصيرة
 10.11.2023
تعود الأمير أن يتنكر وينزل إلى الأسواق، يسترق السمع لما يدور من أحاديث حول حكم أباه الملك.
لم يكن الأمير يهتم لمن يروى القصص الكاذبة على البلاط الملكي، وكان يقول الأكاذيب سوف تعود على أصحابها، وسيفقد الكاذب احترامه ومصداقيته.
هو كان يهتم لحكايات الناس المظلومة، ويرسل مخبرين سريين يتدارسون أوضاع أولئك الناس، وكثيرا ما كان يساعدهم في حل مشاكلهم سراً...
ذات يوم، بينما كان يتنقل متنكراً في أحد شوارع المدينة، شاهد صبية حسناء غاية في الجمال والعذوبة، الأمير لم تكن الصبايا تلفتن أنتباهه، يحوم حول القصر الملكي مئات الأميرات الجميلات، لكن لم تكن واحدة منهن قادرة على كسب وده. شاب وسيم، لطيف، ويكفيه بأنه ابن الملك حتى تركض خلفه جميع الصبايا داخل القصر وخارجه.
صبية رءاها في الشارع صدفت، استرعت انتباهه، أخذ يراقبها وهي تشتري خضاراً وتضعها في سلة تحملها.
أثناء ذلك، جاء شيخ التجار ليمتطي حصانه المربوط بعامود هناك، جفل الحصان لسبب ما، حاول الرجل أن يستعيد توازنه سقطت منه محفظة نقوده، وهو لم ينتبه لذلك وغادر.
تلفتت الصبية يمينا ويسارا لم تجد من يلاحظها، التقطت محفظة الرجل ووضعتها في سلتها.
لحق الأمير تلك الحسناء السارقة حتى عرف دارها.
وفي اليوم التالي طرق باب بيتها، وكان متنكراً كعادته وطلب منها أن تسقيه شربة ماء. وتشكر الحسناء. 
في اليوم التالي جاء الأمير المتنكر، وطرق باب الصبية، حاملاً سلة كبيرة مليئة بالخضار والفواكه... استغربت الحسناء وأمها العاجزة هذا الكرم من شحاذ... 
قال: أنتما اكرمتماني، ولا بد لي من رد الجميل الذي فعلتماه لي.
قالت العجوز: هذا كثير جداً، نحن لن نعطك شيئاً وأنت احضرت الكثير.
سألته الحسناء: يبدو عليك الفقر من ثيابك المهترئة، ولا بد دفعت مالاً كثيراً حتى اشتريت سلة الخضار والفواكه هذه.
قال الأمير: لا يا سيدتي، انا لا املك نقوداً، أنا بصراحة أسرق من أموال الأغنياء، واعطيه إلى الفقراء...
قالت الحسناء: هل أنت سارق محترف؟
بصراحة نعم، لكن لم تعد تعجبني السرقات الصغيرة، أنا اخطط لسرقات كبيرة، إذا نجحت فيها، سوف أصبح أميراً...
المشكلة أنا بحاجة إلى فتاة سارقة ذكية تشبهك حتى تساعدني....
في يوم لاحق، جاء الأمير يجر حماراً خلفه، طرق باب الحسناء، عندما رأت الشاب أتى محملاً بمواد غذائية كثيرة...
ابتسمت الحسناء، وساعدته في ادخال المواد إلى البيت... بينما هو أطلق الحمار ليعود إلى داره...
قالت: يبدو لي منزلك قريب حتى أطلقت الحمار ليعود إلى اسطبله؟
قال الأمير: لا، هذا الحمار ليس لي، أنا سرقته، ولم يعد يلزمني، الآن، وعندما أحتاج حماراً بمرة قادمة، سو ف أسرق حماراً آخر
قالت العجوز، يا ابني من كان بمثل ذكائك وفطنتك، لا يمكن أن يكون سارقاً، السارقون والكاذبون هم أناس حمقى وغالباً أغبياء... أنت تخفي ذاتك، ولا أدري ما هو سرك؟
في الحقيقة، العيون تفضح اسرار القلوب...لاحظت الصبية نظرات الشاب نحوها، نظرات اعجاب، وحب، وهي أيضا صارت تشتاق لذاك الحرامي. وأحست بأن هذا السارق ينوي طلب يدها، فسألته ألا تبطل عملك كسارق محترف؟
قال الشاب: لقد اكتملت خطتي، وسوف أسرق الذهب من خزنة الأمير أبن الملك...لكني تلزمني شابة حسناء تساعدني
 أنا أعرف صبية غاية في الجمال لكنني أخشى أن اصارحها بما اريده منها، فتهرب مني ولا تعود ترغب بمقابلتي
قالت الشابة وأين هي؟ 
قال: أتعرفين شجرة التين هناك في نهاية الطريق، كل يوم عند الغروب، أذهب هناك انتظرها حتى تأتي حاملة جرة الماء لتستقي من عين النبع... وأنتظر الفرصة حتى أجد الطريقة المناسبة لأفاتحها في رغبتي. 
قالت الشابة وهل هي تعرف بأنك تحبها، قال لا أدري ولكني أحس بنظراتها تغوص في أعماقي، وأحس بنبضات قلبها تحاكي نبضات
قالت: حسنا، كيف عرفت بأنها سارقة مثلك؟ 
قال سمعت الناس يتحدثون عن سرقة محفظة شيخ التجار ويشكون بحسناء كانت مارة بالطريق بجانب العربة، ويقولون بأنها شابة حسناء، رائعة الجمال، ويقولون بانه لا يوجد في المدينة حسناء بمثل جمالها. 
قالت ربما أنت تتهمها، ربما توجد حسناوات كثيرات في مدينتنا،
في غروب شمس ذلك اليوم، ذهب الأمير المتنكر وجلس تحت شجرة التين... وكان يدرك بان سارقة شيخ التجار ستأتي وغايتها أن تعرف من هي تلك الحسناء السارقة التي تخطف قلب السارق الذي بدأت تحبه
أتت الحسناء سارقة محفظة شيخ التجار وجلست بجانب الأمير، وسألته: 
ألم تحضر السارقة الحسناء بعد؟
قال لا: لكنني أحس بها قريبة مني لأن قلبي أخذ ينبض بشدة لم أعهدها سابقاً
قالت: دعني أخبرك سراً، طالما نحن أقصد أنا وأنت نمارس ذات الكار، أنا من سرقت محفظة شيخ التجار...أنا هي الحسناء التي يبحثون عنها...
في اليوم التالي جاءت الشرطة وسحبت الشابة الحسناء بعربة إلى القصر
كان الأمير متنكراً، قالت له الحسناء، وهل انت ايضاً لقطوك واحضروك؟ 
هنا خلع الأمير القناع، عندما عرفت الحسناء الأمير شهقت وسقطت على الأرض...
قال الأمير أنا هو السارق الذي سأسرق بيت الأمير، كنت أبحث عن سارقة تشاركني، وقد وجدتك، والآن أعيدي إلى شيخ التجار، محفظته. 
وأنت سأدخلك سجني المؤبد لتشاركيني حياتي في ببيت الزوجية، ونسرق خزنة الأمير سوية.
جن جنون الملك، كيف ابنه يتزوج من فتاة عادية، والأميرات يملأن القصر، ولكن أحيانا، احكام القلب، تختلف عن أحكام العقل،
وحدث عرساً، لا تزال الناس تتذكره لأن التاريخ دونه. 
بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق