الاثنين، 22 أغسطس 2022

حكايَةُ عمْرو
مِنْ نُزوحٍ لِنُزوحِ...جالَ في الأقطارِ عمْرو
مِنْ شَتاتٍ لِشتاتٍ...ضاعَ في الأمصارِ عُمْرُ
مُنْذُ أنْ كانَ رضيعًا...هجَّرَ الأُسْرةَ غَدْرُ
فرَّقَ الشمْلَ عَدوٌّ...سَعْيُهُ في الأرضِ كُفْرُ
بثَّ فِكرًا عُنْصُريَا...دأبُهُ ظُلْمٌ ومَكْرُ
قدْ طغى لمْ يألُ جُهدًا...وَجِهادُ النذْلِ شرُّ
كُرْهُهُ للحقِّ طبْعٌ...عهْدُهُ للسِلْمِ هِتْرُ
قولُهُ إفْكٌ صريحٌ...وَعْدُهُ زَيْفٌ وَخَتْرُ
قلبُهُ للحِقْدِ مأوىً...رأيُهُ بالغيرِ كِبْرُ
إنْ سطا برًا وبحْرًا...هلْ يًصيبُ النذلَ ضُرُّ
إنْ سعى شوقًا لِحربٍ...هلْ يُجيزُ الحربَ عُذْرُ
شبَّ عمروٌ في منافٍ...جوّها قرٌّ وحرُّ
عاشَ فيها كغريبٍ... وحياةُ الغُربِ قتْرُ
ما لَهمْ في العيشِ حظٌّ...ما لَهمْ عِزٌ وَفخْرُ
عيشَةٌ لا خيْرَ فيها...خيْرُها شكٌّ وجَوْرُ
بينَ غُرْبٍ هلْ سيأتي...لاجئًا في الأرضِ خيْرُ
إنْ تخلّى البيدُ عنْهُ...عيْشُهُ ذُلٌّ وَهدْرُ
مِنْ ظلامٍ لظلامٍ...أينَ مِنْ عينيْهِ فَجْرُ
لِعَدوِّ البيْتِ شأنٌ...وعلى الأعرابِ أمْرُ
وإلى التطبيعِ جهلًا لمْ يَعُدْ في الأمرِ سِرُّ
لمْ يعُدْ عيبًا وعارًا...كلُّ ما في الأمرِ جهْرُ
لمْ يَعُدْ للْعُرْبِ صَقْرٌ... إنّما للْقَنصِ صقْرُ
لمْ يَعدْ للبيدِ ذخْرٌ... كلُّ ما في البيدِ وِزْرُ
شرَفُ الخيْمَةِ ولّى...قدْ غزا الخيْمةَ قَصْرُ
أرضُنا صارتْ مشاعًا...لِعَدوِّ الأرضِ حِكْرُ
ما لنا في الأرضِ قوْلٌ...ما لنا يا ربُّ فِكْرُ
يومُنا ذُلٌّ مُميتٌ...ليلُنا سُكْرٌ وخمْرُ
إنْ صرخْنا أو بكيْنا...ليسَ للأعرابِ خُبْرُ
هلْ لِصُمٍّ أوْ لِبُكْمٍ... في الدُنى يا عُربُ بِشْرُ
هلْ لِمنْ هُجِّرَ غصْبًا...وَقُفَةٌ غضْبى وَبِرُّ
هلْ لِمَنْ عُذِّبَ ظُلْمًا...بيتُهُ القسْريِّ أسْرُ
هلْ لَهُ حقٌّ عليْكُم...أم حوى الأعرابُ قَبْرُ
بلْ وصمتُ الْعُربِ رعْدٌ...وعلى المظْلومِ نُكْرُ
ضاقَتِ الدُنيا بعمروٍ...قُطْرُها يا ربُّ شِبْرُ
كلَّما حلَّ بِأرضٍ... فرْشُهُ نارٌ وجمْرُ
قدْ هوتْ كلُّ الجُسورِ...لمْ يَعُدْ للقُدسِ جِسْرُ
بينَ عُرْبٍ عزَّ نصْرُ...بينَ غُرْبٍ عزَّ يُسْرُ
مِنْ جحيمٍ لجَحيمٍ...عيْشُهُ قهْرٌ وَعُسْرُ
إنْ شكا يومًا زعيمًا...أبسَطُ الأشياءِ زَجْرُ
إنّما السائدُ حقًا... قطعُ رأسٍ ثُمَّ بَتْرُ
ذاتَ ليْلٍ بعدَ قهْرٍ...دامَ عُمْرًا ثارَ عمْرو
لمْ يَعُدْ في القلبِ صبْرُ...لمْ يَعُدْ للصَّبْرِ صدْرُ
لمْ يَعُدْ للْجُبنِ قولٌ...لم ْ َيَعُدْ للْخوْفِ دوْرُ
كلُّ ما يهواهُ قُدْسُ...كلُّ ما يخشاهُ بحْرُ
رُغْمَ هذا ظلَّ يمشي... ما لِعمروٍ مِنْ مَفرُّ
وصلَ الشاطئَ ليلًا...وكأنَّ اليومَ حشْرُ
في سِفينٍ قدْ تداعتْ...فُرَصُ الإنقاذِ صِفْرُ
إنَّما هلْ مِنْ رُجوعٍ... إنْ بدا الإبحارُ خُسْرُ
رقمٌ ما قدْ تبقّى...مِنْ غريقٍ ليسَ ذِكْرُ
كلُّ ما قدْ كانَ يرجو...عيشةٌ للنفْسِ سَتْرُ
بعدَ أنْ هُجِّرَ غصْبًا...ما سبا عيْيْهِ تِبْرُ
لم يكُنْ للتِّبرِ معنىً...لمْ يكنُ للماسِ سِحْرُ
في المنافي كلُّ عيشٍ...حلْوُهُ سمٌّ وَمُرُّ
كيفَ لا يبغي هُروبًا...مِنْ بلادٍ لا تُسِرُّ
كيفَ لا يبْغي وصولًا...لثرىً طُهرًا يَدُرُّ
لثرى قُدْسٍ شريفٍ...دربُهُ وردٌ وزهْرُ
قدْ طغى الحِقْدُ عليهِ...فأصابَ الطُهرَ خَثْرُ
إنَّما للصبرِ حدٌّ...وَلِشوقٍ مُسْتَقَرُّ
قد يصيبُ البرَّ حقْدٌ أو يصيبُ البحرَ وغْرُ
في كلا الحاليْنِ سُوءٌ...في كلا الوضعيْنِ دُحْرُ
صعَدَ المرْكبَ عمروٌ... وعليْهِ الناسُ كُثْرُ
أبحروا ليلًا ليافا...سافروا والجوُّ قرُّ
وبِيَمٍ باضْطِرابٍ...موجُهُ مدٌّ وجزْرُ
وَسماءٍ في ظلامٍ...لم يُضئْ للحشْدِ بَدرُ
ظهَرَتْ يافا صباحًا...لِيَتِمَّ اليومَ نَذْرُ
لَكَ يا ربُّ ثناءٌ...لكَ حمْدٌ لَكَ شُكْرُ
لبلادي اليومَ إنّي عائدُ فكَّرَ عمرو
ليسَ بي شكٌ وَريْبُ...ليسَ بي خوفٌ وَذُعْرُ
قبلَ أعوامٍ لِيافا...جاءَ منْ ظلّوا وفرّوا
وأنا المولودُ فيها...هل جزاءُ العوْدِ دُسْرُ
ها هُنا يافا تنادي...ابْنَها والقلبُ زهْرُ
عُدْ إلى حُضني حبيبي...إنُّهُ يومٌ أغرُّ
عودَةُ مُثلى لقلبي...ما لها في الكونِ سِعْرُ
جئْتَني فاليومُ عيدٌ...بل وعيدُ العوْدِ نصْرُ
أنْظُرِ الأجواءَ تزهو...فنسيمُ العَوْدِ عِطْرُ
عُدْتَ أهلًا عُدتَ سهلًا...قبلكَ الأحياءُ قفْرُ
نزلَ الشاطئَ عمرٌو...قلبُهُ الطيِّبُ غِرُّ
فإذا بالغِرِّ يُرمى...ثمَّ مقْتولًا يَخرُّ
د. أسامه مصاروه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة الحب.. .................. مدينة محاطة بسياج  من وردات الياسمين رائحة ذكية تنشر شذاها  بعبق الرياحين  وجوه مبتسمة ليست بعابسة  وأيادي ت...