كُنّا
لا زِلنا
ما فينا
هي نشوةٌ لا نَعرِفُ مُبتَغاها
هِيَ أنغامٌ نَطرِبُ لِصداها
سَأحكِيها إليكِ :
يا مَن كُنتِ قدَرِي
أوَ تدرين !
يا مَن
يا مَن
يا حسافةَ عمرِي
أوَ تَدرِين قبلاً
كَيفَ القمَرُ كان يُنِيرُ
كَيفَ كانَ الجِنْحُ المكسُورُ يَطِيرُ
كَيفَ الشَوْكُ أزهاراً يَصِيرُ
كَيفَ كانت الرّيح
بَينَ اﻷحلامٍ تَسِيرُ
لِنَتَذَكَّرَ أكثرَ فأكثرَ
هُناكَ في السماءِ قيسٌ
وَ هُنا على اﻷرضِ قيسٍ قسماً
و قسماً
بين قيسٍ و قيسْ
ماتَ مَخمُوراً يَندُبُ المَسِيحَ
ألفُ قَسٍّ و قَسّْ
يَفهَمُ الصمتَ الّذي يُدَوِّي
بين المآذِنِ و الصلِيبْ
هل تَفهَمِينَ
هذا الجُرْحَ لا يَشْفِيه طبيبٌ
بالِغُ الشكوى
وَ سِرُّهُ مدفونٌ
بَينَ أحلامٍ وَ طَيشٍ
و عبثِ الحبيبْ
قد بانَ ما قد خبَّأتي
تحتَ الجفونِ
مُبرْقعاً كَحرْباءِ البيداءِ
ذي ألفِ لونٍ و لون
كَفتاةِ السيركِ
تُجِيدُ كلَّ الفُنُونِ
حقّاً
حقّاً كانَ لي قلباً
لا يَحمِلُ ظُنُون
كفى لم يَعُدْ في قلبي
سوى صرخةٍ
سَتُفَجّرُ هذا السكون
مَنْ تكونينَ ؟
أنتِ يا هذهِ مَنْ تكونينَ ؟
ما أنت فيهِ إلّا ضربٌ من الجنون
و هو أشبه بِباغٍ في الغلِّ
وَ كَيفَ يُدرِكُ مَنْ يخون
ألّا يَعرِفُ مَنْ يخون
لقد حطَّ الحقُّ على مَنِ يخون
أنا لا أنْكرُ ما كُنّا و ما نحنُ عليه
كُنّا نَمْسَحُ الدمعَ الّذي يَطْفو
على خدِ طفلةٍ يتيمةٍ
حينَ تَحْكِي لنا قصّتَها الحزينةَ
كنا لُقْمَةً سائغةً
لِجائعٍ في ليالي الشتاءِ
أبْحرُ بلا شِراعاً في سفينةٍ
كُنّا نَبغَضُ
لمن سَكَبَت دنانيرهُ
أدمُعَ السجينة
كُنّا نداء للحبِّ
للنسيمِ
و للأزهارِ
و للطيورِ
للجمالِ
و حتماً للموتِ
إذا ما أراد الموتُ رهينة
كانت النُجُومُ قريبةً
نَختارُ منها براحتَي يدَينا
و كُنّا حيثُ نَسِيرُ
نَعدُو
و نَمرحُ
ونَصرخُ
كلَّ شيءٍ لهُ قرار
شِئنا أم أبَيْنا
لي كلامٌ لا تَحمِلُهُ السطورُ
مُعَطّرٍ بريحانٍ و بخور
أنتَ
يا أنتَ
أنتَ تعويذَةٍ
تُتلَى ما بينَ القبور
أنتَ
يا أنتَ
أنتَ قنبلةٌ
تُفَجِّرُ كلَّ هذهِ الجسور
أنا ...
أنا ... لن يُغرِيَني
لمعُ النُجُومِ و ضوءُ القمرِ
أنا ...
أنا ... لي قلبٌ
أرقُّ من النسيمِ
و أصلبُ من الحجرِ
أجُودُ بدَمي و بدمعي أروي الظمآنَ
إذا عزّ
َّ المطرُ
أُكَفكِفُ دمعي كَطفلٍ تائهٍ
يدعو ربَهُ حيراناً
و الحسراتِ و لهيبَ جهنمَ
يُلظي قلبَهُ
ماذا أكتبُ إليكِ
يا مَن أودعتَ أحلامي
بينَ جَفنَيكِ
يا مَن حملتُ اللّيلَ مسدولاً
على كتفي
يا حرفاً مفقوداً
قد أكملَ عنواني
يا بسمةَ طفلٍ
عَجِزَ عن وَصْفِها لساني
يا مَن كَالظلِ تُلازِمُني
حتّى في الظُلمةِ
ترُدَّ الوحشةَ عني
في كلِّ مكانٍ
يا شمسٌ و نحنُ فقراءٌ
بالدفءِِ نكسو العريانَ
يا نجمٌْ و فيكَ مَسِيرَتُنا
و نحنُ في القرنِ العشرينِ
من هذا الزمانِ
يا دليلَ غُرْبَتي
و أنا في وطني
غريبُ اﻷوطانِ
يا مَنْ أغارُ عليها من نفسي
يا نشوةَ هذياني
يا حبيبتي لم تُنْصِفي
كفةَ ميزاني
بأيِّ عُرْفٍ تَحجِبُ الشمسَ
و يُقْتَلُ القمرُ
بأيِّ عدلٍ يَحكُمُ القاضي
حاملا خنجراً
و كَيفَ أُلَمْلِمُ حقائبي
وَ كَيفَ أُغادِرُ مكانيَ
و أنا لا زِلتُ لا أحمِلُ جوازَ سفرٍ
فبأيِّ شَرعٍ تُطْفَأُ اﻷنوارٌٍ
و يُصْدَرُ القرار
قد كان قضاءاً و قدر
آهٌ .. آهٌ وألفُ آهٍ
في بلدِ الغربةِ ضاعَ الحبُّ
لا يَخْفُقُ لي قلباً
على مَنْ عادت يوما
صفراءَ الخُدُودِ
فأنا عزيزُ النفسِ
بركانٌ على كلِّ جمودٍ
لن ينفعَ الندمُ
لن أشتريَ الندمُ
حتى و إنْ بكيتُ
بدمعٍ من دمٍ
كلُّ شيءٍ تَهدَّمَ
سَأشتَكِيكَ عند المسيحِ
سَأشتَكِيكَ عند محمدٍ
و عند حوّاءَ
الّتي من جنّتهِ أخرجت آدمُ ..
قيس هادي كريم الشريف
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق