الإسراء و المعراج
الكفر طم و الخلائق تفجر
و المصطفى يسعى هناك و ينظر
فلعلهم يهدون للحق المبين جميعهم
و بذاك ينجون من جحيم تسعر
لكنهم ما جاوبوه إلا أذى
بل حرضوا الصبية عليه تسخر
كم صبوا جهلا من حماقة كفرهم
فوق الصحابة حتى منه تنفر !
يا عمق رحمته حين قابل جهلهم
بعظيم صبر و أنى مثله يصبر؟
بل كان يرجو من عميق فؤاده
للقوم خيرا في الغيوب يقدر
فالحق قادر أن يمس ظهورهم
فتنبت الأصلاب من بهم الخليقة تفخر
يا لبهائه حين يعلو همومه
و من قلب همه رحمته تتفجر
إذ رغم موت داعميه كليهما
ثقته بنصر الله تعلو و تكبر
و رغم حزنه من فراق لفهم
لم يلتجئ يوما لغير ربه يجأر
و مع تمادي قومه في غيهم
يلتجئ للحق القوي و يحذر
إن لم يكن بك غضب علي فهاتها
فمع رضاك الهم كله يصغر
و لتترك القوم سلمى حيث حق هلاكهم
فالرحمة أولى و إن طغوا و تجبروا
تفديك نفسي يا لرحمة قلبك
ترجو النجاة لمن يخس و يحقر
لذاك رقاك الإله و كرمك
و أعد كونه للأمر كي يتحضر
فالأرض تطوى كي يتم تنقلك
من قلب مكة للقدس حيث تحبر
مسرى النبي تنتظره بفرحة
و الأقصى يزهو و الشذى يتناثر
فهناك سوف ينصب على الأنبياء زعيمهم
و إمامهم و فخرهم إن يفخروا
من ثم يعرج للسماء على عجل
فهناك ملأ في انتظاره يسهر
و هناك تكرمة لن ينالها غيره
فمن سواه في عين الحقيقة ينظر
و بدون كيف فالكيف عنده قد فنى
و بدون أين فالأين عنده يحظر
فالحق كل لا يرام إحاطة
و رؤاه عجز فمن يرمه و يبصر؟
فالعين تبصر من يقيد في جهة
و من يحاصره المكان فيحصر
و الحق وحده عن كل ذاك منزه
لا كون يحصر أو زمان يأسر
فالذات لا تدرك و الحجب لا تهتك
و السر بحر جرمه لا يعبر
لكنه و بلطفه رقى النبي ليدرك
من عمقه ما لم يحطه تصور
و كأنما جهزه وفق مراده
كي يملأه بهجة و وعيا يندر
ثم أعاده للزمان محلقا
ليتم أمره بعزيمة لا تقهر
و الأمر تم في زمان مخالف
لم نعهده أو حتى عنه نخبر
فالمصطفى قد عاد مكة سالما
و كأنما سحب الشهيق و يزفر
ما مر مر بلا زمان يحسبه
حتى فراشه بكل دفئه يزخر
قدرات رب من يرمها تفهما
يرجع فراغا في الدنا يتحير
ذاك النبي و ربه قد أكرمه
صلوا عليه مدى الزمان و أكثروا
شعبان مصطفى. مصر