نَجْمَةٌ شَارِدَة.
...وَأَغْفُو وَأَصْحُو عَلَى نَجْمَةٍ شَارِدَة..
سَمَائِي كَلَيْلِي الطَّوِيل وَأَرْضِي كَبَحْرِي تُلَمْلِمُ جُرْحِي كَمَا الوَلِدة..
خَرِيفِي تَمَخّضَ بالنَّوْءِ عُسْرًا وَأَضْحَى بِلاَ لَمْسَةٍ رَاشِدَة..
شِتَائِي تَبَعثَرَ سَيْلاً عَلَى ضِفَّةِ الذّكْرَيَاتِ بِثَلْجِ الجِبَالِ وَرِقَّة حَكْيِ الصّبَايَا وَرَفْرفَةِ النَّخْلَةِ الوَاعِدَة...
رَبِيعِي عَلى بَسْمَةِ الأُقْحُوانِ يُسَافِرُ فِي وَهْجِ رُوحِي يُفَجِّرُ أَحْلاَمِيَ العَائِدَة..
وَصَيْفِي بِغَطْرَسَةِ الحَرِّ فِيهِ لَهُ طَيفُ طَعْمٍ بِلاَ فائِدَة..
وَهَذِهِ النَّجْمَةُ تَلْفَحُ قَلْبِي بِنُورِ التَّجَلِّي وَتَلْقَطُ سِرِّي وَتَزْرَعُنِي فِي ثَنَايَا التَّمَاهِي مَعَ ثُلَّةٍ بَائِدَة..
رَضَعْتُ حَلِيبَ القَوَافِي وَغَوْصَ المَعَانِي مِنَ الصَّفْوَةِ الرَّائِدَة.
وَلِي فِي امْرئِ القَيْسِ بَعْضُ هَوًى تَكَسَّرَ نَصْلُ مَعَانِيهِ فِي المِحْنَةِ السَّائِدَة...
وَفِي العِشْقِ دَرَّبَنِي عَنْتَرَة وَأَوْرَثَنِي قُوَّةَ الرِّقَّةِ المَاجِدة..
وَطَرْفَةُ شَرَّدَنِي فِي الفَيَافِي وَأَوْرَثَنِي عِلَّةَ الدَّوْسِ وَالكَسْرِ لِلقَاعِدَة..
وَلي فِي جَميلٍ مَعَ بَثْنَة الوَجْدِ بَوْحُ البُكَاءِ عَلَى هَجْرَةٍ رَاكِدَة..
وَأَمَّا النَّوَاسِيُّ نَبْضُ المُدَامِ فَخَمْرَتُه العَابِدَة،
تَرَامَتْ بِكُلِّيَ شَدًّا وحَدًّا وجِدًّا وكَدًّا وَلَمْلَمَنِي سِرُّهَا الفَائِدَة..
وَفِي المُتَنَبِّي صَدِيقُ الفَيَافِي لَهُ الشِّعْرُ كَالرَّايَةِ الرَّائِدَة،
مِثَالُ التَّحَدِّي وَتَوْقُ التَّصَدِّي إِلَى الكَثْرَةِ الفَاسِدَة..
*********
أَتُوقُ إِلَى مُفْرَدَاتٍ تُبَعْثِرُنِي فِي ثَنَايَا اللَّهِيب،
تُطَهِّرُنِي مِنْ رُغَامِ الحُشُودِ وتُلْحِقُنِي بِالعَجِيبِ الرَّهِيب..
إِلَى مُفْرَدَاتِ الوُجُودِ العَظِيمِ تَقُولُهُ شَوْقًا كَشَوْقِ الحَبِيب..
وَتَطْمَسُ غَمْغَمَةَ السّابِقِينَ لِإِرْسَاءِ بَحْر الوِدَادِ العَجِيب..
أَمُدُّ إِلَى الشِّعْرِ بَأْسِي ويَأْسِي وَتَعْسِي،
فَيَلْفَحُنِي وَهْجُ هَذَا الحَبِيب..
أُعَانِقُهُ فِي سُهَادِ اللَّيَالِي كَمَا النُّورُ يَسْرِي،
فَيَغْفُو وَأَغْفُو بِحُضْنٍ رَطِيب..
يُجَاوِبُنِي الشِّعْرُ بَوْحًا وَقَدْحًا وَنَقْلاً وَصَقْلاً
وفَتْقًا وَرَتْقًا لِرَيِّ اللَّهِيب.
أُنَادِي فُؤَادِي أَمُدُّ الأَيَادِي أُسَافِرُ
فِي غَمْغَمَاتِ العِنَاقِ لِوَصْلِ الحَبِيب...
وَأَكْتُبُ سِرِّي وَأُطْفِئُ غِلِّي وَأَشْحَذُ سَيْفِي لِبَتْرِ الرَّقِيب..
أَنَا العَاشِقُ الشّاعِرُ الثّائِرُ طَرَحْتُ السَّوَابِقَ مِنْ جِلْدَتِي
لِأَرْسُمَ بَعْدَ مُرُورِ الفَيَالقِ رِكْزًا تَبُوحُ بِه مِحْنَتِي..
رَجَمْتُ زُنَاةَ الدِّيَارِ بِبَعْرِ اللَّيَالِي لِأُشْفِيَ غِلاًّ كَوَى لَوْعَتِي..
وَنَادَيْتُ كُلَّ طُغَاةِ النَّهَارِ بِلَغْوِ الكَلاَمِ
لِأَمْحُوَ ذِكْرَى الرَّدَى مِنْ دَمِي....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق